قال الله في كتابه: قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ.. هذه الآية خاطبت النبي قبل أربعة عشر قرناً. أليست هذه الآية دليلاً مادياً ملموساً على صدق كتاب الله تعالى؟!ورد تحريم الخنزير في آيات اربعة في القرآن.تصف الآية لحم الخنزير بأنّه رجس، والرجس هو النّجس والقذر والوسخ والنتن. وقد تذكرت هذهِ الآية الكريمة الحكيمة في هذهِ الأيام، في غمرةِ الحديثِ الإعلامي المكثف المكررِ عن «انفلونزا الخنازير» الذي عمّ الأرض كلها على اعتبارِ أنّ الخنازير هي السبب المباشر في انتشارِ هذه الانفلونزا المعديةِ المميتة.. أصابت الناس على مختلفِ مواقعهم بنوعٍ من الهستيريا خشية أن يصيبهم هذ المرض «الخنزيري» قالت منظمة الصحة العالمية : إن إصابات أنفلونزا الخنازير في المكسيك والولايات المتحدة يمكن أن تتطور لتصبح وباءً عالمياً. قرأت على موقع إحدى المحطات الأمريكية هذا التعليق: "وشلّ الفيروس الفتاك كافةَ مظاهر الحياةِ في العاصمة مكسيكو سيتي، حيث أغلقت المؤسسات التعليمية تحسباً من انتشارِ الفيروس، وحظر "مجلس الأمنِ القومي الصحي" التجمعات ومشاركة الجمهور في كافةِ مبارياتِ كرة القدم" .. وبادرت العديد من الدولِ والمنظمات إلى دقّ ناقوس الخطر من هذا الوباء، واتخذت مختلف تدابير الوقاية ومحاصرة المرض، فأوقفت الرحلات الجوية ونحوها من وسائل الانتقال من المناطق الموبوءة، ومورس الحجر الصحي على القادمين من تلك المناطق، وأعلنت حالات من الطوارئ والاستنفار، وعمدت دول كثيرة إلى اتخاذ قرارات إعدام ما لديها من قطعان الخنازير؛ بل وصل الامر إلى إغلاق المدارس والمؤسسات العامة والخاصة، ومطالبة الناس بعدم الخروج من منازلهم في ما يشبه حالة منع التجول، ويحبس العالم أنفاسه أمام الأنباء عن تزايد حالات الإصابة بمرض لا يعرفون عنه إلا النزر اليسير، فيما تكاد تبلغ حالة الإنذار حدها الأعلى. وفي تقرير خطير للغاية : إذا لم يتم علاج المرض بأقصى سرعة وإلا فإنه ربما أصيب نصف البشر بهذا الداء الفتاك ..انظروا يا إخوة كيف أن فيروساً لا يُرى يبثّ الرعب في قلوب الملايين! ألا ترى معي أخي المسلم قدرة الله تتجلى في أضعف مخلوقاته؟!وقد أدى الحديث عن هذا المرض إلى خسارة بالمليارات على مستوى دول العالم كله.ومن العجب العجاب أنّ «مصاصي دماء الناس» من الشركات والدول الذين يخادعون الناس، ويتاجرون بدمائهم وأموالهم غاضبون جداً من تسميةِ هذا المرض الخطير بـ«انفلونزا الخنازير»!قالت وسائل الإعلام الأسبوع الماضي: «دول وشركات كبرى تضغط على منظمةِ الصحةِ العالمية لإلغاءِ تسميةِ انفلونزا الخنازير.لما سيترتب على ذلك من أضرارٍ تلحق بمربي الخنازير وبهدف تبرئةِ الخنازير من المسؤوليةِ عن نقلِ وانتشار هذا المرض، والمثير في الأمر - كما يقول التقرير - أنه لم تحدث اعتراضات مماثلة عند الحديثِ فيما مضى عن أمراضِ «انفلونزا الطيور» و«جنونِ البقر»! فلماذا الخنازير فقط يُحرص على تبرئتِها؟! عندما انتشر مرض انفلونزا الخنازير وقفت مع الحكمةِ من تحريمِ لحم الخنزير، والحكمة من وصفهِ في الآيةِ بأنه رجس وذلك لأزداد قناعة ويقيناً بحكمةِ الله في كل ما أمر ونهى وحلّل وحرم.الله حكيم في كل ما فعل وقدر وأمر ونهى، والحكمة معناها الصحة والصواب، المنزهة عن الخطأ أو الجهل أو الفوضى، فهو سبحانه لا يحلل إلا ما فيه الخير لنا، ولم يحرم علينا إلا ما فيه الشر لنا، كما قال: يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم. والمؤمن يتلقى أمر الله بالقبول والرضا والتسليم، ولا يعلق قبوله له على معرفة الحكمة المباشرة منه؛ إن عرفها التزم، وإن لم يعرفها رفض الأمر واعترض عليه.. إنه لا يفعل ذلك لأنه يوقن أن الله عليم حكيم لا خطأ في شرعه سبحانه.وبعد أن يستسلم ويرضى ويلتزم وينفذ ويفكر ويقرأ ويحلل ويعلل، ويبحث ويسأل، فإن وقف على حكمة ؛ زاد يقيناً والتزاماً، وزاد قلبه طمأنينة واستسلاماً. المؤمن يقتنع بالحكم الشرعي بمجرد ثبوته حكماً من الله ورسوله ويستسلم لذلك ويرضى به. وبالنسبة لتحريم الخنزير الرجس الدنس النجس؛ فإن انتشار هذه الانفلونزا التي ينشرها وينقلها الخنزير؛ تزيدنا يقيناً بحكمة الله في تحريمه . إن الله تعالى عندما حرَّم أكل لحم الخنزير إنما حرَّمه لأنه ضار للإنسان، وهذا دليل مادي على ذلك نراه اليوم. فهذا الفيروس "أنفلونزا الخنازير" لم يكن لينتشر لولا تربية الناس للخنزير وأكلهم للحومه وشحمه المليء بالأضرار الطبية. ومن هنا ندرك لماذا حرم الله أكل الخنزير. ليس المحرم علينا أكل لحم الخنزير فقط، وإنما المحرم الانتفاع بكل صور الانتفاع بلحم الخنزير، وليس المحرم لحمه فقط، فكل ما يتعلق بالخنزير محرم، لحمه وشحمه، وشعره وعظمه، ودهنه وجلده، ويحرم بيع الخنزير وشراؤه، وتربيته والتجارة به والتداوي فيه، واستعماله في أي صورة من صور الاستعمال، نقول هذا لأن دهن الخنزير يدخل في «دهنِ» مختلفِ المنتوجاتِ الغذائيةِ المصنعة في المشرقِ والمغرب، والتي تملأ أرفف المحلاتِ والبقالاتِ و«المولات» في بلادِ المسلمين، من المعلبات وغيرها، ودخول دهن الخنزير هذه المعلبات الغذائية يجعلها حراماً على المسلمين.من الصفاتِ الدنسة للخنزير أنه لا يحب إلا القاذورات، ولا يتغذى إلا على الأوساخ، وكلما زادت الأوساخ قذارة ونتناً كلما زاد الخنزير لها محبة ورغبة واشتهاءً.. وقد كانت الخنازير قبل الأزمة الحالية تستهلك كل ما في أكوام القمامة من أوساخ وأقذار، وبعد هذه الأزمة تراكمت الأوساخ في تلك الأكوام. وقد أثبتت الأبحاث العلمية والطبية أن الخنزير من بين سائر الحيوانات يُعَدّ مستودَعاً للجراثيم الضارة بجسم الإنسان.أصدق وصف لما عليه الخنزير من قذارة متأصلة فيه وارد في الآية في تعليل تحريم الخنزير: }.. أو لحم خنزير فإنه رجس{ إنها كلمة قرآنية واحدة، تلخص هذه الطبيعة الخنزيرية: «رجس» والرجس هو النجس والدنس والوسخ والنتن والقذارة والفساد والخراب والأذى.أرأيتم مناظر الخنازير الكريهة التي بثتها الفضائيات بمناسبة هذا المرض.. . منظره مقزز لا يُشعر بالراحة تبغضه عندما تشاهده. لقد شاهدنا على القنوات الفضائية في اليوم الأول لانتشار مرض الخنازير صوراً لمجموعة من الخنازير في حظيرتها.. وأقسم أنها كانت صوراً «مقززة» .كنت أكره منظر الخنزير، لكن ما كنت أظن أنه بهذه الصورة المقرفة. لمّا رأيت الخنازير على الشاشة ازددت لها كرهاً وتقززاً وحمدت الله الذي حرمها.انفلونزا الخنازير" الذي رفعت منظمة الصحة العالمية مستوى خطورته الى الدرجة الخامسة في مقياس من 6 درجات. يوجد في العالم 840 مليون رأس من الخنازيرفي إحدى الإحصائيات. وإن مما يؤسف له ، أن وسائل الإعلام نقلت أن هناك من الدول العربية والإسلامية من سمحت بتربية هذه الحيوانات على أراضيها وتستورد خنازير مجمدة وخنازير حية. وأن هناك من هذه الدول من بلغ تعداد الخنازير فيها إلى مئات الآلاف ، في صورة مزرية ومشهد مؤسف..ومنها الأردن إذ تنتشر حظائر تربية الخنازير في بعض محافظات المملكة. وأغلبها يعمل بلا ترخيص.ذكرت وزارة الزراعة الأردنية أن عدد الخنازير في الأردن لا يتجاوز 1500 رأس.. يجب تنظيف بلاد المسلمين من هذه الخنازير القذرة المحرمة. على الأمة أن تتربى وتربي أجيالها على مخافة الله عز وجل .. لو تأمل العقلاء على مستوى العالم بأسره لوجدوا العلاج الحقيقي لهذا المرض هو اتخاذ الإسلام ديناً واتباع أوامره واجتناب نواهيه وتحكيم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بين الناس. غدا خبراء العالم وعقلاؤه، يعلنون ويدعون في شأن الخنزير إلى الموقف ذاته الذي أعلنه الإسلام . وكأنهم يتنادون ويفيئون إلى منهج الإسلام ومعالجته لهذه المشكلة، حتى إن لم يفيئوا إلى عقيدته بعد، وما ذلك إلا مظهر بين من مظاهر إظهار الإسلام على كل ما عداه من الأديان والشرائع والمناهج "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " أن تعاليم الإسلام جاءت لتُسعد الإنسان وتضمن له الحياة المطمئنة والصحية. سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ، أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد" حاجتنا ملحة للعودة دائما إلى القرآن وتعاليمه.وتطبيق كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لأن هذه التعاليم صادرة من إله عليم حكيم، هو أعلم بنفوس عباده، وأعلم بمصلحتهم. ليبقى هذا الدين شاهداً على البشرية في كل زمان ومكان ، ولتقوم به الحجة على العالمين.فهل نحمد الله تعالى على نعمة الإسلام؟